إدارة الجودة الشاملة: تعزيز الكفاءة والإنتاجية في المؤسسة

في عالم اليوم المتسم بالتنافسية الشديدة والتغيير السريع، باتت إدارة الجودة الشاملة ضرورة حتمية للمؤسسات الطامحة إلى تحقيق التميز التشغيلي والنمو المستدام. هذا المقال يستكشف كيف يمكن للمؤسسات تبني مناهج إدارة الجودة الشاملة لتحسين كفاءتها وإنتاجيتها على جميع المستويات. كما سيتناول المفاهيم الأساسية لإدارة الجودة الشاملة، بما في ذلك التركيز على العميل، والتحسين المستمر للعمليات، وإشراك الموظفين.
ما هو مفهوم إدارة الجودة الشاملة في المؤسسة؟
تعبير مفهوم إدارة الجودة الشاملة في المؤسسة يشير إلى الأسلوب أو النهج الإداري الذي يهدف إلى إدارة جميع الأنشطة والإجراءات اللازمة للحفاظ على مستوى مرموق من التميز في تنفيذ المهام. ويشمل ذلك وضع وتنفيذ سياسات الجودة وتخطيط وضمان الجودة ومراقبة الجودة وتحسين الجودة.
حيث تبدأ عملية إدارة الجودة من المستوى التنفيذي بتحديد أهداف وغايات المؤسسة، والتي تترجم فيما بعد إلى سياسات وأساليب وإجراءات تشغيل موحدة تنفذ في جميع مراحل العمل. ويشير الفريق العامل في هذا المجال إلى هذا النظام بمصطلح نظام إدارة الجودة (QMS).
بالإضافة إلى ذلك، يشابه مفهوم تخصص إدارة الجودة مفهوم الجودة الشاملة أيضًا. حيث يمكن تعريف تخصص إدارة الجودة على أنه عملية وضع خطة للجودة وتنفيذها والاعتماد عليها في إدارة مختلف المهام لضمان أعلى مستوى ممكن من الأداء والإنتاج والحفاظ عليه. وتشمل الخطة وضع أهداف طويلة المدى، بالإضافة إلى تحديد المعايير الجودة الخاصة من خلال وضع السياسة المتبعة والتي تتبعها كل مؤسسة أو شركة.
ان كنت تريد معرفة المزيد عن الدورات التدريبية التي تقدمها اكاديمية سوربون للتدريب، تواصل معنا
ما هو تاريخ إدارة الجودة الشاملة؟
في نهاية القرن التاسع عشر، ظهر تطبيق متطور لإدارة الجودة في الولايات المتحدة الأمريكية على يد والتر شويهارت، الإحصائي الأمريكي المعروف بلقب "أبي المراقبة الإحصائية للجودة". وفي ذلك الوقت، كانت المصانع تعتمد على مبادئ الضبط الإحصائي لتحقيق الجودة.
ثم تطورت فلسفة إدارة الجودة الشاملة بواسطة الأمريكي إدوارد ديمنج. وفي ذلك الوقت، أصبحت مبادئها محل اهتمام حكومة اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كانت تسعى لإعادة بناء البلاد بعد الدمار الذي تسببت فيه الحرب.
بالنسبة حول ما يتعلق بتطبيق هذه المنهجية في المنظمات، بدأت تنتشر في مؤسسات ريادة الأعمال المختلفة خلال السبعينيات، وعلى رأسها شركة تويوتا الرائدة في صناعة السيارات. حيث لعبت تويوتا دورًا مهمًا في نشر فكرة ومبادئ إدارة الجودة الشاملة، وبالتالي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من عمليات الإدارة في فترة التسعينيات وبداية القرن الحادي والعشرين.
ما هي مراحل تطور إدارة الجودة الشاملة؟
تطور نظام إدارة الجودة من مراحل التفتيش ومراقبة ضبط الجودة وضمان الجودة إلى إدارة الجودة الشاملة، وهذا المطور ساهم في تحسين مستوى الجودة، وتلبية متطلبات العملاء، وتحقيق كفاءة عالية في العمليات بتقليل التكاليف:
1- مرحلة التفتيش
كانت هناك مرحلة حيث تعتمد الفحص اليدوي على المنتج في المرحلة النهائية للتأكد من تطابقه مع المعايير المحددة. ومع ذلك، لم تكن هذه الطريقة كافية لضمان الجودة بأعلى درجة دقة، وكانت تتطلب تخصيص المزيد من النفقات.
2- مرحلة مراقبة ضبط الجودة
في هذه المرحلة، تم وضع هدف لرفع مستوى جودة المنتجات التي لم تتحقق في المرحلة السابقة. وتم الاعتماد على تحليل البيانات وكشف العيوب باستخدام أساليب إحصائية، بالإضافة إلى تطبيق ممارسات وأنشطة تهدف إلى تحقيق كفاءة أعلى في جودة المنتجات. وساعدت هذه المرحلة في توفير النفقات وأصبحت واضحة خلال فترة العشرينيات من القرن الماضي.
3- مرحلة ضمان الجودة
تم في هذه المرحلة التركيز على ضمان جودة المنتجات في جميع مراحلها، بدءًا من مرحلة المواد الخام وحتى تصنيع المنتج النهائي. كما تم تقييم مستوى الجودة وفقًا لمعايير دقيقة. انتشرت هذه المرحلة خلال فترة الخمسينيات، حيث بدأ الاهتمام يتجه نحو فهم متطلبات العملاء وكيفية تلبيتها.
4- مرحلة إدارة الجودة الشاملة
في المرحلة الأخيرة التي ظهرت خلال فترة السبعينيات، تم التركيز على تحقيق رضا العملاء من خلال تلبية احتياجاتهم. وتم تشجيع جميع الموظفين على المشاركة في تطوير جودة المنتجات والخدمات. كما تم أيضًا الاهتمام بتحسين الكفاءة التشغيلية في جميع المراحل. وهذه المرحلة الحالية ساهمت في تعزيز رضا العملاء ورفع مستوى جودة المنتجات والخدمات، بالإضافة إلى تقليل التكاليف.
اقرا المزيد: دورات التخطيط وتحسين الجودة
ما هي أهداف إدارة الجودة الشاملة؟
تهدف إدارة الجودة إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية. حيث تركز على تحسين جودة المنتجات والخدمات من خلال اكتشاف العيوب ومعالجتها، وتسعى للحصول على ميزة تنافسية من خلال زيادة رضا العملاء. كما تهدف أيضًا إلى تحقيق تقليل التكاليف وتوفير المصروفات، وتعزيز إنتاجية الموظفين وتعزيز ثقافة التحسين المستمر.
1- رفع مستوى جودة المنتجات والخدمات
تسعى إدارة الجودة دائمًا لتلبية احتياجات العملاء في المنتجات أو الخدمات التي تقدمها. فهي تسعى لضمان خلو المنتجات من العيوب من خلال الكشف عنها ومعالجتها خلال مراحل التصنيع والإنتاج. وتهدف أيضًا إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية التي تسهم في تحسين جودة المنتج. بالإضافة إلى ذلك، تلتزم بالاستماع إلى آراء العملاء واقتراحاتهم بشأن جودة المنتج أو الخدمة المقدمة.
2- اكتساب الميزة التنافسية
على المستوى المؤسسي، تهدف إدارة الجودة إلى تحقيق الميزة التنافسية للمؤسسات والشركات في السوق. حيث تعمل على تعزيز رضا العملاء وزيادة جودة المنتجات والخدمات المقدمة. ومن خلال ذلك، يتحقق التميز في السوق وتزيد الأرباح والمبيعات.
3- خفض التكلفة
يسعى دور إدارة الجودة إلى تحقيق توفير النفقات للمؤسسات من خلال عدة جوانب، على سبيل المثال تعزز رضا العملاء مما يزيد من معدلات المبيعات ويقلل من التكاليف في قسم المبيعات والتسويق. بالإضافة إلى ذلك، تعمل على تقليل الهدر في جميع مراحل إنتاج المنتج، بدءًا من عملية شراء المواد الخام وصولاً إلى تصنيعه في المرحلة النهائية.
4- زيادة إنتاجية الموظفين
تدرك إدارة الجودة أن الجودة المتميزة للمنتجات والخدمات لا تتحقق فقط من خلال كفاءة عمليات التصنيع، بل أيضًا من خلال كفاءة المصنعين نفسهم. لذا، تعمل على تحفيزهم لتحقيق أداء متميز وزيادة الإنتاجية من خلال التركيز على تقديم منتجات وخدمات عالية الجودة. كما تعمل على ترسيخ ثقافة التحسين المستمر في المصنعين، بهدف تحقيق أفضل مستوى ممكن من الأداء المستدام.
سجل الأن: دورة الماجستير المصغر في إدارة الجودة
كيف يمكن لإدارة الجودة الشاملة أن تساهم في تحقيق الكفاءة وزيادة الإنتاجية في المؤسسة؟
إدارة الجودة الشاملة تساهم بشكل كبير في تحقيق الكفاءة وزيادة الإنتاجية في المؤسسة من خلال تبني عدة مناهج وأساليب، ومنها:
1- تحسين العمليات
إدارة الجودة الشاملة تركز على تحليل وتحسين العمليات الداخلية للمؤسسة. حيث يتم دراسة تدفق العمل، وتحديد الخطوات غير الضرورية والهدر وتصميم عمليات أكثر كفاءة. وبتحسين العمليات، يمكن تقليل الوقت المستغرق والموارد المستخدمة، مما يزيد من الإنتاجية.
2- تدريب وتطوير الموظفين
ادارة الجودة تعتبر تدريب وتطوير الموظفين جزءًا أساسيًا من تحقيق الكفاءة وزيادة الإنتاجية. حيث يتم توفير التدريب اللازم للموظفين لتطوير مهاراتهم ومعرفتهم بأفضل الممارسات. وعندما يكون لدى الموظفين المعرفة والمهارات اللازمة، يتم تعزيز الكفاءة ويتمكنون من تحقيق مستويات أعلى من الإنتاجية.
3- إدارة الجودة الشاملة
حيث تهدف إلى تحقيق جودة ممتازة في جميع جوانب العمل. وذلك من خلال تطبيق أدوات مثل مراقبة الجودة وضمان الجودة وإدارة المخاطر، ويتم تحديد وتصحيح العيوب والاختلالات في العملية. كما يمكن بتحسين الجودة تقليل الأخطاء وإعادة العمل، مما يزيد من الكفاءة.
4- استخدام التكنولوجيا والابتكار
حيث تشجع على استخدام التكنولوجيا والابتكارات لتحسين الكفاءة وزيادة الإنتاجية. ويمكن استخدام أنظمة المعلومات والتكنولوجيا الحديثة لتحسين تدفق المعلومات وتبسيط العمليات. كما تشجع على تبني التحسين المستمر واستخدام الابتكارات لتحقيق أفضل النتائج.
5- رضا العملاء
تركز على رضا العملاء كهدف رئيسي. بتلبية توقعات العملاء وتقديم منتجات وخدمات عالية الجودة، يمكن زيادة الإنتاجية بزيادة حجم الطلب وتكرار العمليات التجارية.
الاسئلة الشائعة حول إدارة الجودة
ما هو الفرق بين إدارة الجودة وإدارة الجودة الشاملة؟
1- إدارة الجودة: هي نهج تحليلي يهدف إلى مراقبة ومتابعة جودة المنتجات أو الخدمات، وضمان توافقها مع معايير الجودة في جميع مراحل الإنتاج والتصنيع. ويقوم فنيون مختصون بتنفيذ هذه العملية.
2- إدارة الجودة الشاملة: هي منهجية شاملة تهدف إلى تعزيز رضا العملاء عن طريق تحسين جودة المنتجات أو الخدمات بشكل مستمر. وتعتمد على مبادئ خاصة بها وتتضمن جميع الموظفين في أداء مهامها وأنشطتها.
ما هي مساوئ نظام إدارة الجودة؟
تطبيق نظام إدارة الجودة لا يعني بالضرورة تفادي جميع حالات الإهدار للموارد في حال وجود منتجات متضررة. فعملية فحص المنتجات والخدمات قد تكون مكلفة، حيث تتطلب توظيف مراقبين وتكاليف اختبار باهظة في المختبرات، بالإضافة إلى ذلك قد لا يتم تشجيع جميع الموظفين على الوعي بمسائل الجودة بشكل كاف.
كما أن تحقيق الأهداف المطلوبة عند تطبيق هذا النظام قد يستغرق وقتًا طويلاً. وفي بعض الأحيان، قد تواجه كبرى المؤسسات صعوبات في تطبيقه بطريقة تضمن الوصول إلى النتائج المرجوة.
ختاماً، إن تبني نهج إدارة الجودة الشاملة يمكن أن يكون استثمارًا مربحًا للغاية للمؤسسات التي ترغب في تعزيز كفاءتها وإنتاجيتها. حيث هذا النظام يتطلب التزامًا قويًا من الإدارة العليا وجهدًا متواصلاً من جميع الموظفين، ولكن عندما ينفذ بشكل صحيح فإنه يمكن أن يؤدي إلى تحسينات ملموسة في الأداء المالي والتشغيلي للمنظمة.
ومن خلال التركيز على تلبية احتياجات العملاء والتحسين المستمر للعمليات الداخلية، يمكن لإدارة الجودة الشاملة أن تساعد المؤسسات في تحقيق التنافسية المستدامة على المدى الطويل.
تقدم أكاديمية سوربون للتدريب دورات تدريبية في العديد من المجالات الادارية والمهنية والتي تساعدك على تطوير مهاراتك، بالاضافة الى انها تقدم دورات تدريبية في المنامة وفي معظم البلدان والعواصم
اقرا المزيد: